إذا وُضِعْتَ في القبر نادى عليك الملك يا ابن آدم جمعت الدنيا أمْ الدنيا جمعتك . يا ابن
آدم تركت الدنيا أمْ الدنيا تركتك . يا ابن آدم
استعددت للموت أمْ المنيّة عاجلتك , يا ابن آدم خرجت من التراب و عدتَ إلى التراب ...
خرجت من التراب بلا ذنب و عدتَ إلى
التراب و كلّك ذنوب . فإذا ما انفض الناس عنك و أقبل الليل لتقضي أول ليلة صبحها
يوم القيامة , ليلة لا يؤذن فيها الفجر , لم يقل
المؤذّن يومها الصلاة خير من النوم ... انتهت الصلاة ... انتهت العبادات ...
إنّ الذي سيؤذّن فجرها هو إسرافيل . أيتها العظام النخرة , أيتها اللحوم المتناثرة
قومي لفصل القضاء بين يديّ الله رب العالمين .
إن الله يقول : و نُفِخَ في الصور فجمعناهم جمعاً . و يقول أيضاً : و حشرناهم فلم نغادر
منهم أحداً .
عندما يُقبِلْ عليك ليل أول يوم في قبرك ينادي عليك مالك الملك و ملك الملوك يقول
لك : يا ابن آدم رجعوا و تركوك في التراب ,
دفنوك و لو ظلّوا معك ما نفعوك , و لمْ يبقَ لك إلا أنا الحيّ الذي لا أموت ... يا ابن آدم
من تواضع لله رفعه و من تكبّر و ضعه الله .
عبدي أطعتنا فقرّبناك , و عصيتنا فأمهلناك , و لو عُدْتَ إلينا بعد ذلك قبلناك .
إنّي و الإنس و الجنّ في نبأ عظيم , أخلُقُ و يُعْبَدُ غيري أرزق و يُشكر سواي . خيري
إلى العباد نازل و شرّهم إليّ صاعد . أتحببّ إليهم بنعمي و أنا الغنيّ عنهم و
يتباغضون عنّي بالمعاصي و هم أفقر شيء إليّ .
من عاد منهم ناديته من قريب و من بعُدَ منهم ناديته من بعيد . أهل الذكر أهل عبادتي ,
أهل شكري أهل زيادتي , أهل طاعتي أهل محبتي , أهل معصيتي لا أقنّطهم من
رحمتي فإن تابوا فأنا حبيبهم فإنّي أحبّ التوابّين و أحب المتطهرين , و إن لم يتوبوا
فأناطبيبهم أبتليهم بالمصائب لأطهّرهم من الذنوب و المعاصي . الحسنة عندي بعشر
أمثالها و أزيد و السيئة بمثلها و أعفوا أنا أرأف بعبادي من الأم بولدها ...